السيرة الذاتية
ولد صاحب العزة القانوني المتضلع الأستاذ صالح بك جودت القاضي بالمحاكم الأهلية والمحامي الشهير عام 1875،هو ابن المرحوم إسماعيل جودت بك بن المرحوم صالح بن إبراهيم بن خليل،وكان الجد الثاني من أعيان مكة نفي منها لأسباب سياسية في زمن السلطان محمود الثاني، فاستوطن قبرص ومن قبرص نزح إلى مصر جده الأول، وكان من أولاده علي أغا صالح كاتب يد المغفور له محمد علي باشا الكبير والي مصر، وكان العم الأكبر المرحوم تويق باشا معاونًا لشريف مكة، ثم قائدًا للجيوش التركية في اليمن، ومات رحمه الله بها ودفن في الحديدية. إسماعيل جودت فهو ربيب بيت محمد علي ورفيق صبا المرحوم الأمير إلهامي باشا، وقد اختاره المرحوم سعيد باشا، والي مصر ليتعلم بفرنسا على نفقته الخاصة في السربون، عاد إلى المعية في التشريفات وكان الخديوي الأول يندبه لمقابلة الملوك والأمراء، ورجال السياسة الذين يقصدون مصر؛ ليتعرف مقاصدهم ويبلغهم ما يرغبون معرفته عن مصر وأهلها وأحوالها، وقد وشى به بعضهم مرتين إلى الخديوي فنفاه في الأولى إلى البحر الأبيض، ثم استدعاه، وأبعده في الثانية إلى بور سعيد، ثم ما لبث أن استقدمه إذ كان يتبين له كذب الوشاية كل مرة ويتحقق من صدق إخلاصه لأميره وبلاده.قامت الثورة العرابية كان المرحوم إسماعيل جودت كان يعمل رئيس بوليس الأجانب ومن زعمائها «مع صديقه البارودي باشا والإمام عبده وكان على علاقة بجمال الدين الافغانى، وحوكم في نهايتها مع من حوكم فقضي عليه بالنفي ثلاث سنوات خارج القطر، فاختار الإقامة في الأستانة حيث كان على صلة بالخديوي إسماعيل باشا،
ثم انتدبته الدولة العلية ضمن وفد المرحوم حسن باشا فهمي؛ لتقرير اتفاقية مؤتمر لندن سنة 1885 الخاصة بمصر، وفي أثناء رحلته تعرف بكبار رجال السياسة من الإنجليز، وله معهم أحاديث مشهورة. ولما انقضت مدة النفي عاد لمصر بالرغم من إلحاح السلطان عليه بالبقاء، وعرض ولاية اليمن عليه؛ لأنه كان رحمه الله متفانيًا في حب بلاده. وقد عرض على الحضرة السلطانية كثيرًا من مشروعات الإصلاح الخاصة بها، ومن ضمنها مشروع إصلاح أعيان الأوقاف بمصر لاستغلالها وقد أوصى عليه السلطان الغازي مختار باشا؛ ليساعده لدى الخديوي على تنفيذ مقترحاته بخصوص الأوقاف، ولكن حالت الظروف السياسية دون ذلك، ولبث بعيدًا عن وظائف الحكومة مشتغلًا بمهنة المحاماة حتى توفي سنة 1896م.
-وقد حصر همه في حياته الأخيرة في تثقيف ولده صالح إسماعيل جودت، وتعهد خلقه واستكمال علمه وأدبه حتى إذا توفي والده وهو لم يكد يتم السادسة عشرة من عمره كان رجلًا قوي النفس، مطلعًا على ما لا يعلمه حتى الشيوخ من أمور سياسة الشرق وأحواله.
-تعلم صالح دروسه بالمدرسة الخديوية سنة 1898م، درس القضاء بمدرسة الحقوق الفرنساوية، وأدى امتحاناته أمام جامعة باريس حيث حاز شهادة الليسانس في العلوم القانونية، ثم أدى امتحان المعادلة أمام مدرسة الحقوق الخديوية بمصر حيث حاز شهادتها،
-بدأ حياته بالعمل في الحكومية مترجمًا بوزارة المعارف العمومية،
-عمل معاونًا للإدارة بمديرية المنوفية، ثم مترجمًا بالنيابة العمومية
-سكرتيرًا فنيًّا للمرحوم أحمد فتحي زغلول باشا وكيل وزارة الحقانية سابقًا، حيث كان صديقه عضده الأيمن في أعمال الوزارة التشريعية، وأعماله الأدبية الخاصة، وفي تلك الأثناء
-كان سكرتيرًا لكثير من لجان الإصلاح بوزارة الحقانية، وأخصها لجنة إصلاح الأزهر الشريف حيث وضع لها منهج الدراسة في العلوم العصرية، وترجم أعمالها فكافأته الحكومة المصرية على ذلك برتبة ومكافأة مالية،
-وكان سكرتير لجنة قانون المرافعات، حيث جهز للجنة جدول مقارنة قوانين المرافعات المعمول بها في أهم الممالك الأجنبية،
-وقد تولى حضرته القضاء في سنة 1914م بمحكمة مصر الأهلية، ثم بمحكمة أسيوط حيث اشتهر بين زملائه والمتقاضيين والمحاميين بالدقة وبعد النظر، وحسن المعاملة وسرعة الفصل في الخصومات
-وختم وظائفه الحكومية بتعيينه قاضيًا لمحكمة طنطا الأهلية، وأخيرًا استقال مفضلًا الاشتغال بمهنة المحاماة، فاتخذ له مكتبًا للاستشارات القانونية بأول شارع عابدين بمصر، ولا حاجة بنا إلى وصف مقدرته وكفاءته في التشريع والقانون.